مقابلة لصحيفة القدس العربي اللندنية مع الشاعر علي البتيري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]حوار مع الشاعر علي البتيري: القصيدة لا تكتمل الاّ بوصولها الى القارىء!
اجرى الحوار: نضال القاسم
June 10, 2013
علي البتيري من مواليد قرية بتير/ محافظة القدس عام 1945.
تخرج في دار المعلمين/ العَرّوب وعمل في التدريس بالأردن وبدولة الإمارات العربيّة، كما عمل في الصحافة وبخاصة صحافة الأطفال حيث ساهم في تأسيس معظم مجلات الأطفال في الأردن وشغل منصب مدير تحرير لأكثر من مجلة كما تولى مهمة مستشار تحرير لأكثر من مجلة وصحيفة خاصة بالطفولة.
وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين,،والاتحاد العام للأدباء العرب وعضو في جمعية يوم القدس.
هنا حوار معه:
* هل لنا أن نعرف كيف تسلل إليك هاجس الكتابة، وما هي طبيعة التصور الشعري الذي تم على أساسه ديوانك الأول (لوحات تحت المطر)، والصادر في عمان عام 1973، وما هي المؤثرات التي شكلَّت وعيك وأسهمت في تكوين تجربتك الابداعية ؟
*حينما كنتُ أتحلق مع أشقائي حول كانون نار مصنوع من الطين لنستمع إلى أبينا وهو يقرأُ لنا بصوته الدافىء في تغريبة بني هلال التي تمتلىء بأشعار شعبيَّة لم أكُن أعلمُ حينذاك أنني أحملُ في داخلي طفلاً شاعراً يمتلك موهبةً، وعندما فتحتُ عينيَ على قريتي الجميلة ‘بتّير’ ورأيتُ خاصرتها محاطةً باسلاك الاحتلال الصهيوني التي قسمتها إلى شطرين، شطر مع الإحتلال وشطر آخر مهدداً بالاحتلال في أي وقت لم أكن أتوقع بأنني سأكتوي بنار هذا المشهد المؤلم عندما ستستبدُّ بي شهوة الكتابة لأغمس لسان قلمي في جمر النكبة الفلسطينية.
بدأتُ كتابة القصيدة في الستينيات من القرن الماضي ودخلتُ بها مغامرة النشر بصعوبة بالغة فيها من المعوقات والحواجز الشيء الكثير. وبعد سنوات حلّت بنا هزيمة حزيران فسقط الشطر الثاني من قريتي الجميلة في يد الاحتلال لأجد الشاعر الذي كنته في دوامة هجرة ثانية عصفت بشعب فلسطين بكل عذاباتها ومراراتها.
في هذه الأجواء الرديئة والإرهاصات الوبيلة ماذا يمكن أن اتحدث لك عن المؤثرات التي شكلت لديَّ وعي الشاعر، وأشعلت موقد التجربة ليصدر عنها ديواني الأول ‘لوحات تحت المطر’؟ والمطر هُنا لا يرمز للخير والخصب والنماء كما هو معتاد في الوجدان الشعبي، وإنما هو طينٌ أحمرٌ ماطرٌ تكابده اللوحات وتقاومه وتحاول التوهج من خلاله، ويكفي أن أقف بك على هذه اللوحة الصغيرة الحجم الكبيرة الدلالة والإيحاء:-
‘معذرةً يا شيطان الشعر المشلول
إنْ كنُتَ كسيحاً
فأنا الآخَرُ أعصابي
صارت كَحِبالٍ رَثّة
إن يَنبُِْشْ مقبرةُ الصمتِ على شفتي
أخشى أنْ أُلفظ جُثة’.
ولكن لوحات الديوان ظلت ترمي من فوق جدار الهزيمة العالي رسالة خضراء على حد قول أحد النقاد.
* إضافة الى الدواوين التي صدرت لك (لوحات تحت المطر) و(المتوسط يحضن أولاده ) و(لماذا رميتِ ورود دمي) و( شبابك أتعبها الانتظار) و(أغنيات عاشق المطر) و(للنخيل قمر واحد) هناك ديوان صدر لكم مؤخراً بعنوان (أتقلدُ صوتي سيفاً)، ماذا عنه، وما هي مشاريعك القادمة، وماذا عن تصورك للمستقبل؟
*في ديوان (أتقلدُ صوتي سيفاً) تتمحور قصائد الديوان حول دور الشعر والشاعر في حركة النهوض العربي، وتتمثلُّ هذه الدعوة في العديد من قصائد الديوان كقصيدة (أتقلدُ صوتي سيفاً) التي يحملُ الديوان عنوانها وقصيدة (جّدي المستيقظ في الذاكرة) وقصيدة ( الشهداء يطلّون من النافذة)، ويظهر هذا بشكلٍ خاص في قصيدة (كفاني اعتناقاً لحزن أبي)، ولا شك أن هذا الديوان يعكس في معظم قصائده الحنين إلى الربيع العربي أو يبشرُّ به لا سيما وأن معظم قصائد هذا الديوان قد سبق نشرها في الصحف والمجلاّت قبل بدء الربيع العربي في مشرق الوطن العربي ومغربه.
أما مشاريعي القادمة فهي لا تتعدى اهتمامي بالانتصار على تلال قديمة وجديدة من الكتابات الشعرية والنثرية السالفة الكتابة لأتمكن من أرشفتها وتصنيفها تمهيداً لإصدارها في كتب ومجموعات شعريَّة، وما دمت قد سألتني عن تصوري للمستقبل، فأنا بطبعي متفائل بالمستقبل وبالأجيال العربيّةَ الجديدة، ولعل الربيع العربي بمخاضه وولاداته قد جعلني أكثر تفاؤلاً، وإذا صغُرت دائرة الأمل إلى حد يبعث على اليأس لا أسمح لشيء من اليأس أن يتسلَّل إلى قصائدي وكتاباتي وبخاصة التي أوجهها للأطفال.
* ما الذي أردت أن تقوله من خلال ديوان (للنخيل قمر واحد)؟
*القمر في ديوان (للنخيل قمر واحد) هو قمر الوحدة الذي كلما أطلّ علينا عملت غيوم الفرقة في السماء العربية على تغييبه وإخفاء طلعته البهيّة الوضاءة حتى أنه أصبح في مدى الرؤيا حُلماً جميلاً يستعصي على التفسير. هذا الديوان بمجمل قصائده يكتنفه هاجسُ الوحدة العربية الغائبة أو المغيبة بمرسوم (سايكس- بيكو) الجاثم على الصدور والعقول.
* ما هو أثر شعرك خارج الحدود؟ وهل تعتقد أنك قمت بواجبك في هذا المجال، وكيف يمكن من وجهة نظرك للشعر أن يصل إلى أوسع قاعدة في الجماهير؟
*لم أجتهد في نشر أشعاري خارج حدود القُطر الذي أعيش فيه، وحين نشرتُ بعض القصائد في المجلات العربية كمجلة الأديب اللبنانية ومجلة المعرفة السورية ومجلة الثقافة العربية الليبيّة لم أواصل النشر. كنتُ أنشرُ قصيدة أو قصيدتين في المجلة الواحدة وأكتفي وكأنني حققّت بذلك فتح حصن عموريَّة، وهذا تقصيرٌ مني، ولولا مشاركتي في مهرجان المربد ومهرجان جرش للثقافة والفنون، ولولا النشر في مجلة أفكار الأردنية المنتشرة على الصعيد العربي لما عُرف لي إسمٌ كشاعرٍ خارج حدود الأردن. ولعل نجاحي في كتابة الشعر للأطفال قد ساعد على انتشار أشعاري الخاصة بالطفل في أقطار عربية عديدة، أضف إلى ذلك مشاركتي في مهرجانات غنائية محلية وعربيَّة وفوزي بالعديد من الجوائز قد ترك أثراً لشعري خارج نطاق الدائرة القطريَّة كما أرجو وأتمنى.
وإذا أردنا أن يبقى للشعر أثره وجمهوره علينا أن لا نسقط المتلقي من حساباتنا وأن نَتذكّر بأن القصيدة تكتمل بقراءتها وبوصولها إلى جمهور الشعر الذي أخذ يتضاءل بحجمه شيئاً فشيئاً أمام التوجهات الرمزية المغلقة والنثرية المبهمة في حقل التجربة الشعرية الحديثة.
كما علينا أن نكون على وعيٍ تامْ برسالة الشعر ووظيفته الاجتماعية والقوميَّة، فهذا الإدراك سيحفظ للشعر العربي مكانتهُ ولا يفقده قوته التأثيرية في صحوة الأمة ونهضتها من جديد.
* علي البتيري، بصراحة، هل أنصفك النقد؟ وكيف ترى النقد العربي اليوم؟ وماذا يقدم النقد للأدب؟
*لا، لم ينصفني النقد وقد تجاهل تجربتي الشعريَّة أكثر من ناقد، ولكن بعضهم عاد ليلقي الضوء على بعض مجموعاتي الشعرية، إذ لم يعد في وسعهم إدارة الظهر لتجربة شعريَّة مدتها أكثر من أربعة عقود حقّقتُ من خلالها إنجازات ونجاحات مكنتني من الحصول على العديد من الجوائز المحلية والعربيَّة، وقد نوقشت مؤخراً رسالة ماجستير في جامعة آل البيت حول شعر علي البتيري أعدها الباحث محمد نصّار، والأهم من كل ذلك عندي تفاعل القارىء المتلقي مع قصيدة أكتبها، أو حفظ أحد الأطفال لأنشودة كتبتها فأحبّها وتحمس لإلقائها.
أما بصدد الإجابة عن الشق الثاني من سؤالك فأنا أرى للنقد الأدبي أهمية بالغة في تطوير وإغناء حركة الشعر العربي المعاصر شريطة أن لا يتقدم النقد على الإبداع الشعري بأستاذية وتنظير سابق لأوانه، ولكن حال النقد الأدبي العربي هذه الأيام لا تسُرُّ أحداً فبعد النقاد الرواد أتى جيل جديد لم يبشّرنا بخير وكأن النقد قد أخذ يتقدم إلى الوراء!
* من وجهة نظرك، الى أي حد عبَّر الأدب الأردني الحديث عن التحولات التي يعيشها الأردن منذُ الاستقلال؟
*لقد أعطى الأدب الأردني منذ الاستقلال وحتى الأن أكثر مما توقعنا منه، فقد ظهر في هذه الحقبة الزمنية من تاريخ الأردن عددٌ من الأدباء حفلت تجاربهم بمرحلة النهوض الوطني والقومي وعبّروا عنها من خلال قصص وأشعار وروايات حتى أن نتاجهم الأدبي تجاوز الحدود القطرية وانتشر على الصعيد العربي، والذاكرة الأدبية حافلة بالعديد من الأسماء لا مجال لذكرها لكثرتها، ولعل اقتراب أدباء الأردن من القضية الفلسطينية وتماسهم المباشر معها قد اكسب نتاجهم الأدبي زخماً وتوهجاً وقوة حضور.
* التراث كموضوعة جدلية قائمة، كيف تنظر إليه، وما مدى تأثير التراث العربي القديم والأدب الغربي باتجاهاته المختلفة في تجربتك،وكيف تنظر الى التجريب في الشعر؟ وما مدى توظيف الأسطورة والرمز في شعركم؟
*الأمة التي تنفصل عن تراثها تصبح كشجرة بلا جذور يسهل اقتلاعها وتصبح فرصة بقائها معدومة، فالأمم بتاريخها، وكذلك حاضرٌ بلا تاريخ لا مستقبل له، وما ينطبق على الأمم ينسحب على الأفراد، فالشاعر أو الأديب عموماً الذي لا يجيد قراءة التاريخ ولا يجيد الغوص في عمق التراث يبقى مبدعاً متسطحاً ضيق الأفق يتيم الماضي كأنه جذع مقطوع من شجرة.
منذ البداية كُنتُ شغوفاً بقراءة التراث الأدبي في مختلف عصوره وبخاصة التراث الشعري العربي، لقد تأثرت لدرجة كبيرة بالتراث والمضامين التراثية تجدها موظفة بطريقة إسقاطية غير مباشرة في الكثير من قصائدي، ولكني لم أبقَ منحازاً للأصالة دون التفاعل مع روح المعاصرة، وعلى الرغم من اطلاعي المحدود على الآداب الأجنبية من خلال قراءة نماذج من الأدب المترجم فقد تأثرت بالشعر الغربي خاصة أشعار بابلو نيرودا وأراجون وريتسوس ولوركا وإليوت، كما تأثرت بالآداب الأجنبية الخاصة بالطفل وأفدتُ منها الكثير، فكُتَّابُ الأطفال في الدول الغربية متقدِّمون علينا في تجاربهم وأفكارهم وأساليبهم.
أما في مسألة التجريب فانا معها، فلولا التجريب لم نصل إلى الحداثة الشعرية، فأن تُجرّب يعني أنك تمتلك مفتاح الابتكار وتمسك بناصية التجديد في الكتابة الإبداعيَّة، والشاعر الذي لا يؤمن بالتجريب هو شاعر اتباعي أحاط تجربته بأسوار التقليد العالية.
* كيف تنظر إلى خريطة الشعر العربي اليوم؟ ومَن من الشعراء جذب اهتمامك وشعرت عبر أعماله بنكهة التجديد والأصالة والعمق؟ وهل ما يزال الشعر ديوان العرب وشاغلهم، أم أن القصة والرواية باعتبارهما فنّاً مدينياً احتلا الساحة الأوسع؟
*ما زال الشعر ديوان العرب، فعلى الرغم من تقدم الرواية عليه ما زال الشعر العربي المعاصر محتفظاً بتوهجه وحضوره، صحيح أن دخول الشعر العربي الحديث من البوابة السريالية ليكتنف بالغموض الذي يصل إلى حد الطلسمة والإبهام قد أفقده القدرة على التواصل مع جمهوره، إلا أن في الوطن العربي ما يزال هناك شعراء مبدعون وملتزمون بوظيفة الشعر قادرين على استعادة دور الشعر والشاعر في الحياة العربيَّة للقيام بدور طليعي في إحياء الأمَّة وحماية وجودها الحضاري والتعبير عن تطلعها لربيع الحرية والكرامة والعزة القومية.
خريطة الشعر العربي ما زالت واضحة المعالم على الرغم من محاولة بعض المتشائمين طمسها، فللخارطة رموزها وتضاريسُها الإبداعية، وهناك شعراء رواد شكّلوا قمماً إبداعيَّة لهذه الخارطة لا تطالها رياح التعرية المحملة بغبار العولمة، من أمثال السياب والبياتي والفيتوري والماغوط وصلاح عبد الصبور والجواهري وغيرهم.
* ما هي حدود العلاقة بين الأدب والحرية من وجهة نظرك؟ وكيف ترى مسؤولية المبدع في صنع المستقبل العربي، خصوصاً في الأيام العصيبة والأوضاع العربية المتردية الآن؟
*الأدب الذي لا يتنفس الحرية هو أدب محكوم عليه بالموت والاندثار ولو بعد حين من زمن القهر، وعلى الأديب العربي أن يدرك منذ البداية بأن الحرية تؤخذ ولا تُعطى، كما عليه في هذه الأوضاع العصيبة التي تمرُّ بها الأمة أن يكون سفيراً للحريَّة والناطق الإبداعي باسمها والمعبرُّ عن حب الأفراد والجماعات لها إن أراد أن يكون له دور طليعي وفاعل في بناء مستقبل عربي أفضل وأجمل.
للأديب العربي دور استشرافي لمسيرة أمته الحضاريّة، وعليه أن لا يقبل بغير الصّف الأمامي في هذه المسيرة الكفيلة والضامنة لتقدم الأمّة نحو مستقبل أكثر ألقاً وإشراقاً وارتقاءً.
* هل يعتبر أدب الأطفال فناً جديداً في عالمنا العربي، وكيف يمكن تقديم التراث في أدب الأطفال؟ ومن وجهة نظرك ما أهمية دور الأدب الموجه للأطفال في التوعية والثقافة الوطنية؟
لأدب الأطفال دور أساسي في توعية وتربية الناشئة، والأديب الذي يكتب للطفل يأخذ دور المعلم والمربي والمثقف معاً، فهو بنتاجه من قصة وشعر وغير ذلك يقف في منتصف المسافة بين البيت والمدرسة ممسكاً بالبُعد الثالث والأهم في تنشئة الأبناء على القيم والمثُل والاتجاهات التي تمكنهم من أن يكونوا صُنّاع الغد وفرسان التغيير وبناة المستقبل. من هنا يبرز دور أدب الأطفال وأهميته في حياة الشعوب، والسؤال الذي يبحث عن إجابة هو:- هل يحقق أدب الأطفال في بلادنا ما نُريدهُ لأطفالنا وما يحتاجون إليه؟ أعتقد أننا ما زلنا في أول الطريق ونحتاج إلى المزيد من الخطوات لتحقيق الطموحات، وهذا ما يجب أن يُقرَّ به كتّابُ الأطفال ويتنبه له المشرفون على صحافة الأطفال ومجلاتهم.
* حصلت بعض قصائدكم وأعمالكم الشعرية على العديد من الجوائز العربية والمحلية،وهذا يُعدُّ إنجازاً مهماً، فما هو الأثر الذي تركته هذه الجوائز في نفس علي البتيري ؟
*الجوائز التي حصلت عليها لم تكن هدفاً، ولكن المشاركة في المسابقات والمهرجانات الغنائية تعطيك فرصة موضوعية لتقييم نتاجك الشعري من قِبَل لجان تحكيم تتعامل مع القصيدة ولا تعرف الشاعر.
إن حصولي على العديد من الجوائز على الصعيدين المحلي والعربي قد عزّز ثقتي بما أكتب، كما أعطاني الحافز لمزيد من بذل الجهد وتطوير أدوات الكتابة، والبحث عن القصيدة الأجمل.
* أنت واحد من الأدباء المبدعين الذين أنتجتهم مرحلة السبعينيات في الحياة الثقافية في الأردن، ما الذي ميَّز تلك المرحلة وجعلها علامة مميزة وبارزة في مسيرة الأدب الأردني ؟
*سؤالك هذا أيقظ أشياء جميلة تقتنيها الذاكرة، وأعادني أيام الشباب وزخم الحركة الشعرية والنقدية في السبعينيات من القرن الماضي. لا أُبالغ إذا قلت لك بأن حال الشعر والنقد في تلك المرحلة الزمنية أفضل وأكثر حيوية واكتنازاً من هذه الأيام، وما أقوله ليس من قبيل الحنين إلى الماضي فحسب، وإنما هذا هو واقع الحال، أذكر في عام 1973 أصدرت ديواني الأول ‘لوحات تحت المطر’ فكُتِب عنه ما يقارب أربعة عشر مقالاً نقديّاً، وهذا العام أصدرت ديواني السابع للكبار وأتوقع على أحسن تقدير أن يكتب عنه مقالة أو مقالتان على الأكثر، وهذا ينطبق على وضع الكثير من الشعراء ومرده ركود الحركة الشعرية والنقدية. لم يبق للشعراء إلا حفل توقيع وإشهار الديوان الجديد لإثارة الاهتمام بإصداراتهم.
* برأيك، لماذا اختفى الأديب والشاعر الظاهرة، وهل انتهى عصر وجيل العمالقة في الشعر، ما هي أسباب حالة الركود؟ وما مدى تأثير الصراعات الشخصية في انزواء الحوارات الجادة التي تدعم المسيرة الثقافية ؟
*جيل الرواد من عمالقة حركة الشعر الحديث لم ينته، والجيل الجديد من الشعراء ما زال يمتلك القدرة على إكمال الرسالة إذا لم يتخلوا عن مكانتهم ودورهم الطليعي في حركة النهوض الحضاري لهذه الأمة، فتراجع الشاعر العربي المحدث عن دوره في تحريك المجتمع وتثويره جعلنا نتساءل عن سر اختفاء الشاعر الظاهرة، وهل يُعقل أن يُقابل الركود الشعري بخريفيته ربيع عربي واعد؟ أين قصائد الربيع العربي الجديد؟ ألا تستوجب هذه المرحلة الجماهيرية بامتياز انتفاضة شعريَّة عارمة وفاعلة؟ المطلوب حالياً العمل بروح الفريق والجماعة على استعادة الدور الطليعي للشعر والشاعر معاً، على الشاعر العربي أن يكون محركاً وحادياً لحركة التاريخ لا تابعاً يلهث وراء وقائع وأحداث ليس له نصيبٌ في صُنعها.