غزة بكامل جراحها للشاعر علي البتيري
لغزة أن تركب البحر ليلاً
على زورق طافح بالدماءِ
بكامل ما أثخنت من جراح
وآخر ما احتملت من عناءِ
تقول وقد ثقل السمع فينا
ومات من القهر رجع النداءِ
أيا عرب الصمت لا تتركوني
لنار الغزاة بدون افتداءِ
ألست لكم في العروبة أختا؟
ألستم كما قيل لي أقربائي؟
يجر الطغاة إلى الحرق ظلي
وعن جسدي ينزعون ردائي
يديرون ناراً من الحقد حولي
ويشوون لحمي بألف اشتهاءِ
وأنتم بعيني أسود ولكن..
نيام وقد فاض نهر العواءِ
فلا من يمد يداً لجراحي
ولا من يردّ جحيم البلاءِ
أفيقوا اسمعوني وإلا دعوني
لحزني وموتي ألاقي انطفائي
أقاوم وحدي وكل الجهات علي
عدو امامي وخصم ورائي
دعوني فإني يتيمة حرب
فلا تقهروني وربِّ السماءِ
لي الله فهو المعين المرجَّى
إذا ما إليه رفعتُ دعائي
فيا ربّ كن لي النصير فقَومي
كسيلٌ عريضٌ هزيلُ الثُغاء
أيا عرب الخوف لا تندبوني
ولا تكتبوا في القصيد رثائي
وإياكمو أن تنوحوا عليَّ
وإياكمو أن تقيموا عزائي
صُلبت وشُبِّه للصالبينَ
بأني انتهيتُ وحان انتهائي
وفاجأتهم من جراحي طلعتُ
عليهم بملحمة الكبرياءِ
فما زلتُ حياً أقاتل وحدي..
وإن حوصِرَتْ في عروقي دمائي..
تسيل دموعُ جراحي ولكن
عليكم وليس عليَّ بكائي
ولا وقت عندي لبعض العتاب
فهذا الجحيم شديد العداءِ
أنا في أمسّ احتياجي لقلبٍ
بدقّاته خفقةٌ من وفاء
أنا أُختكم في الجراح وجُرحي
يحنُّ الى لمسةٍ من إخاءِ
فلا تتركوني أضمّ صغاري
على ظمأٍ دون طيف لماءِ
أعلّلهم حين أغلي حصاي
بقِدْرٍ حزينٍ شديدِ الخواء
أُطَمْئِنُكُم فاطمَئِنّوا عليّ
فعُمري مديدٌ طويلُ البقاءِ
سأعرف كيف أُدجّن موتي
سأعرف كيف أردُّ فنائي
وأعرفُ كيف أُحوِّلُ ناري
إلى جنّةٍ من دمِ الشهداءِ
فيا عربَ اللغوِ خلّوا اللسانَ
حصاناً يصونُ دمَ الفصحاءِ
ويا عربَ الضعفِ قوّوا القلوبَ
ولا تغمضوا العينَ عند اعتلائي
لقمّة هذا العطاءِ الذي
أعاد إليكم ربيعَ الاباءِ
أنا ما تبقّى من العزِّ فيكم
أنا المجد بل دعوة الانبياءِ
تمرُّ الرياحُ عليَّ فتَحْني
لي الرأسَ مُعربةً عن ولاءِ
انا نجمكُم في اشتدادِ الظلام
وفي تيهِكُم لي بريق اهتداءِ
فلا تحسبوني ذُبحتُ إذا ما
بَخِلْتُم عليَّ بكبشِ الفِداءِ
ليَ اللهُ في مِحنَتي يفتديني
وإني عليه عقدتُ رَجائي