دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك (1)
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
فقد اطلعت على صحيفة الخرطوم الصادرة في 17 \ 4 \ 1415 هـ فألفيتها قد نشر فيها بيان بدفن السيد محمد الحسن الإدريسي بجوار أبيه في مسجدهم بمدينة أم درمان . . . إلخ .
ولما أوجب الله من النصح للمسلمين ، وبيان إنكار المنكر رأيت التنبيه على أن الدفن في المساجد أمر لا يجوز ، بل هو من وسائل الشرك ، ومن أعمال اليهود والنصارى التي ذمهم الله عليها ، ولعنهم رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (2) ، وفي صحيح مسلم ، عن جندب بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ؛ فإني أنهاكم عن ذلك » (3) . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
فالواجب على المسلمين في كل مكان -حكومات وشعوبا- أن يتقوا الله ، وأن يحذروا ما نهى عنه ، وأن يدفنوا موتاهم خارج المساجد ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يدفنون الموتى خارج المساجد وهكذا أتباعهم بإحسان .
وأما وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في مسجده صلى الله عليه وسلم فليس به حجة على دفن الموتى في المساجد ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيته -في بيت عائشة رضي الله عنها- ثم دفن صاحباه معه ، فلما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد أدخل الحجرة فيه على رأس المائة الأولى من الهجرة ، وقد أنكر عليه ذلك أهل العلم ، ولكنه رأى أن ذلك لا يمنع من التوسعة ، وأن الأمر واضح لا يشتبه .
وبذلك يتضح لكل مسلم أنه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما لم يدفنوا في المسجد ، وإدخالهم فيه بسبب التوسعة ليس بحجة على جواز الدفن في المساجد ؛ لأنهم ليسوا في المسجد ، وإنما هم في بيته عليه الصلاة والسلام ، ولأن عمل الوليد لا يصلح حجة لأحد في ذلك ، وإنما الحجة في الكتاب والسنة ، وفي إجماع سلف الأمة رضي الله عنهم ، وجعلنا من أتباعهم بإحسان .
وللنصح وبراءة الذمة . جرى تحريره في 14 \ 5 \ 1415 هـ .
والله ولي التوفيق . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه ، وأتباعهم بإحسان .
(1) نشرت في جريدة الجزيرة في العدد ( 8086 ) بتاريخ 15 \ 6 \ 1415 هـ .
(2) صحيح البخاري الصلاة (425),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (529),سنن النسائي المساجد (703),مسند أحمد بن حنبل (6/146),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(3) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
من فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى