لا يصلى في المساجد التي فيها قبور
س : الأخ م. أ. ن. من ميت طريف - دقهلية - بمصر يقول في سؤاله : هل تصح الصلاة في المساجد التي يوجد فيها قبور ؟ (1)
ج : المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها ، ويجب أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة ، يجعل رفات كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور ، ولا يجوز أن يبقى في
المساجد قبور ، لا قبر ولي ولا غيره ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى وحذر من ذلك ، ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك . فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » (2) قالت عائشة رضي الله عنها « يحذر ما صنعوا » (3) متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير فقال : « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » (4) متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام : « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (5) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي . فنهى عن اتخاذ القبور مساجد عليه الصلاة والسلام ، ولعن من فعل ذلك ، وأخبر أنهم شرار الخلق ؛ فالواجب الحذر من ذلك . ومعلوم أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجدا ، ومن بنى عليه مسجدا فقد اتخذه مسجدا .
فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد ، وألا يجعل فيها قبور ؛ امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وحذرا من اللعنة التي صدرت من ربنا عز وجل لمن بنى المساجد على القبور ؛ لأنه إذا صلى في مسجد فيه قبور قد يزين له الشيطان دعوة الميت أو الاستغاثة به ، أو الصلاة له ، أو السجود له ؛ فيقع الشرك الأكبر ، ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى ، فوجب أن نخالفهم وأن نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيئ. لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد فالواجب هدمه وإزالته ؛ لأنه هو المحدث ، كما نص على ذلك أهل العلم ؛ حسما لأسباب الشرك وسدا لذرائعه. هنا شبهة يشبه بها عباد القبور ، وهي : وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده. والجواب عن ذلك : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يدفنوه في مسجده ، وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي الله عنها ، فلما وسع الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في المسجد ، وقد أساء في ذلك ، وأنكر عليه بعض أهل العلم ، ولكنه اعتقد أن ذلك لا بأس به من أجل التوسعة. فلا يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ، أو الدفن في المساجد ؛ لأن ذلك مخالف للأحاديث
الصحيحة ، ولأن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور. والله ولي التوفيق .
(1) سبق نشرها في (الجزء الخامس) من هذا المجموع ص388 . و (الجزء العاشر) منه ص296 .
(2) رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) مسند عبد الله بن عباس برقم (1887) ، والبخاري في (الجنائز) باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1390) ، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة ) باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (529) .
(3) صحيح البخاري الصلاة (425),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531),سنن الدارمي الصلاة (1403).
(4) رواه البخاري في (الجنائز) باب بناء المسجد على القبر برقم (1341) واللفظ له ، ومسلم في ( المساجد ومواضع الصلاة ) باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (528) ، والنسائي في (المساجد) باب النهي عن اتخاذ المساجد على القبور برقم ( 704)
(5) رواه مسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532) .
من فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى