۩ نفحــــــة يوم الجمعة ۩
فضيلة الأستاذ الدكتور / صلاح سلطان
بين الفرح الإيجابي والسلبي
الفرح الإيجابي فرح المؤمنين بفضل الله عليهم أن جعلهم مسلمين وحبَّب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، واستعملهم لطاعته وجندهم لخدمة دعوته، لقوله تعالى:
( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (يونس:85)،
أما الفرح السلبي فهو فرح من تستغرقه وتستعبده النعم فينسى المنعم سبحانه ولسان حاله مثل قارون:
(إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)
(القصص: 77-78).
الفرح الإيجابي فرح المؤمن بتوفيق الله أن يكون ليله ونهاره في فعل الخيرات وترك المنكرات وحراسة الحق والعدل:
( إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن)
(السلسلة الصحيحة للألباني)
، أما الفرح السلبي فانبهار بعَرَض الدنيا، وركون إلى سعة الرزق، وفرح بتوسع السُلطات والصلاحيات، وتورم في النفس استكبارًا وعلوًا في الأرض "يا أرض انهديِّ ما عليك أدِي"، وهو الفرح الفرعوني:
(أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الزخرف:51)
وشأنهم كما قال تعالى:
(وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ) (الرعد:26)
الفرح الإيجابي أن يكثر حولك الصالحون، ويطرق بابك المحتاجون، ويكثر على موائدك الفقراء والمساكين لنكون مثل جعفر الطيار أبي المساكين:
(اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين) (الترغيب والترهيب للمنذري)، أما الفرح السلبي فبقدوم الكبار وعلية القوم والضجر من نظرات وملاحقات الفقراء والمساكين:
(كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) (الفجر:17-18)
الفرح الإيجابي يملأ جوانح ذوي المروءات عندما يحلون معضلة، ويغيثون ملهوفًا، ويقدمون معروفًا لذوي القربى والأرحام والجيران والخلان مسلمين أو غير مسلمين، (خير الناس أنفعهم للناس) (صحيح الجامع للألباني)، والفرح السلبي عند المنافقين المتخاذلين بقدر الهروب من المعونة والنصرة والمساعدة لدينهم وأمتهم وأهلهم وأوطانهم، كما قال تعالى:
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ) (التوبة:81 (
الفرح الإيجابي أن أفرح لفوز ذوي الكفاءات المتميزة ولو كانوا من غير حزبي السياسي أو فريقي الرياضي أو مذهبي أو جماعتي أو ابن عمي أو بلدتي أو.. ، والفرح السلبي هو فرح أجوف ولو فاز الغر الأجوف مادام من فريقي أو عصبتي كما قال تعالى :
(فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (المؤمنون:53 (
يا إخواني و أخواتي فلتكن أفراحنا مزيدًا من الذكر والشكر القولي والعملي، ولا نفرح فرح الكافرين والمنافقين بعرض فانٍ وعزٍ لا يدوم.