۩ نفحــــــة يوم الجمعة ۩
كتاب التوابين / ابن قدامه
وعن وهب بن منبه ، قال : " كان في زمن موسى عليه السلام شاب عات مسرف على نفسه ،
فأخرجوه من بينهم لسوء فعله ، فحضرته الوفاة في خربة على باب البلد ،
فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام : إن وليا من أوليائي حضره الموت ، فاحضره وغسله ،
وصل عليه ، وقل لمن كثر عصيانه يحضر جنازته لأغفر لهم ، واحمله إلي لأكرم مثواه ،
فنادى موسى في بني إسرائيل ، فكثر الناس ، فلما حضروه عرفوه ، فقال : يا نبي الله ،
هذا هو الفاسق الذي أخرجناه ، فتعجب موسى من ذلك ، فأوحى الله إليه : صدقوا وهم شهدائي ،
إلا أنه لما حضرته الوفاة في هذه الخربة نظر يمنة ويسرة ، فلم ير حميما ولا قريبا ،
ورأى نفسه غريبة وحيدة ذليلة ، فرفع بصره إلي ، وقال :
" إلهي عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أن عذابي يزيد في ملكك ،
وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ،
وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت : إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي "
يا موسى ، أفكان يحسن بي أن أرده وهو غريب على هذه الصفة ، وقد توسل إلي بي ،
وتضرع بين يدي ، وعزتي لو سألني في المذنبين من أهل الأرض جميعا لوهبتهم له لذل غربته.
يا موسى ، أنا كهف الغريب ، وحبيبه ، وطبيبه ، وراحمه